السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. اود اود أولا شكركم على هذا الموقع البناء أعانكم الله وسددكم كنت أريد استشارة في مجال التربية وودت أن تاتيني من هذا الموقع لثقتي به
واستشارتي هي اني أهتم بمجال التربية والأسرة انا متزوجة وليس لدي ابناء ولكني اريد تاهيل نفسي بالقدر اللازم من العلم في هذا المجال لأكون على علم ودراية إن رزقت بالأولاد ولكي انفع مجتمعي أيضا بهذا العلم
وخاصة أني أرى كثير من الأسر اخفقت في تربية اولادها رغم تطور العلم في هذا المجال ، وانا اقرأ وأطلع على مواضيع كثيرة في هذا المجال ولكني لا اريد ان أسير عشوائيا بمعنى اني أريد ان ابدأ دراسة منظمة منهجية للموضوع
أريد أن أعرف من أين أبدأ بحثي ودراستي مثال لهذا انا لدي كتب عن دور الابوين في التربية، ودور القيم والمجتمع في تاثيرها على الأسرة وغيرها من تنمية مهارات الأطفال وتنشئتهم تنشئة سوية، ولكني متخبطة من اي هذه المواضيع أبدأ وأجعل الأولوية
وكيف ارتب الأولويات في بحثي ودراستي ، مع العلم اني لم ادرس في مجال التربية دراسةاكاديمية ، ولكني اعتمد على الكتب والابحاث والمواقع الخاصة بالتربية على تعليم نفسي ، ولذلك طلبت المشورة في امري ...وجزاكم الله خيرا
الأخت الكريمة رانيا :
نثمِّن ثقتك الغالية بموقع المستشار، ونشكر لك حسن اهتمامك بتحصيل المعرفة التربوية، تلك التربية الصحيحة المنهجية التي تبني جيلاً من الصالحين المبدعين. ولا شك أن الاهتداء بالعلم والمعرفة وأسس التربية الصحيحة يقدم لنا أفضل الطرق والوسائل المعينة في حسن تربية الأبناء.
وديننا الإسلامي يقدِّم لنا أفضل الأسس والينابيع التربوية التي تُنشِّئ الطفلَ التنشئة الإيمانية الصحيحة. وسيرةُ النبي الكريم عليه الصلاة والسلام حافلة بالأساليب والموافق التربوية التي ينبغي أن نتزود من معينها الفيّاض في تربية أبنائنا.
وأحب أن أضع بين يديكِ بعض الأسس التي ينبغي أن نغرسها في أبنائنا :
الأساس العقدي: وذلك بغرس العقيدة الصحيحة في نفوس الأبناء، وتقوية إيمانهم بالله وملائكته وكتبه ورسله وبالغيبيات، وتعزيز مراقبة الله في نفوسهم. وقد حرص النبي على تقوية هذا الوازع في صحابته.
ويحكي لنا ابن عباس - وهو غلام- أحد المواقف التي قدَّم له فيها النبي درسًا في العقيدة،حيث يقول عبدالله بن عباس- رضي الله عنهما- في الحديث الذي رواه الإمام الترمذي في سننه: " كنت خلف رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يوما، قال: يا غلام ، إني أعلمك كلمات : احفظ الله يحفظك ، احفظ الله تجِدْهُ تجاهك ، إذا سألتَ فاسأل الله ، وإذا استعنتَ فاستعِنْ بالله .
واعلم أن الأمةَ لو اجتمعتْ على أن ينفعوك بشيء ، لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه اللهُ لك ، وإن اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروكَ إلا بشيء قد كتبه الله عليكَ ، ( رفعت الأقلام وجفت الصحف ).
ويقدِّم هذا الحديث معاني التربية على التوكل على الله تعالى والاعتماد عليه واستشعار معيّتِه ومراقبته في كل أمورنا، وهذا يغرس في النشء قوة إيمان وشجاعةً وإدراكًا لحقوق الله تعالى دون خوف أحد من البشر.
أساس العلم: وذلك بتعليمهم العلم النافع، والحرص على طلبه، وإدراك فضل العلم والعلماء، وأن العلماء هم ورثة الأنبياء، فتتشكل لدى الطفل اتجاهاتُه وقناعاته التي تضبط دوافعه السلوكية، وترتقي به.
أساس التطبيق العملي: والتربية النبوية تربية عملية لا تكتفي بالأقوال بل تتبعها بالتطبيق والعمل، ويتربى النشء على أن يَظهَر أثرُالعلم النافع في تهذيب سلوكياته، والارتقاء بأمته، وخدمة دينه ووطنه، بإصلاح الدنيا وإعمار الأرض.
ومما يفيد في تربية الأبناء أيضًا أن نحسن تأديبهم وتعويدهم على النظام والتنظيم ووضع الضوابط لتصرفاتهم، وأن نكون لهم القدوة الحسنة التي يتمثلونها في تصرفاتهم وسلوكياتهم؛ فأكثر تصرفات الطفل في مراحله الأولى مبنية على المحاكاة والتقليد من بيئته الصغيرة المتمثلة في أبويه.
وينبغي أن نُعْلي في الطفل نماذج القدوة الصالحة المتمثلة في قدوتنا الأولى معلم البشرية محمد – صلى الله عليه وسلم- وسِيَر صحابته الكرام.
وتتشكَّل عقيدة الطفل بما يغرسه فيه أبواه من قيم، وقد أوضح هذا النبي الكريم حينما قال:" كل مولود يولد على الفطرة ، فأبواه يهودانه ، أو ينصرانه ، أو يمجسانه " رواه الإمام البخاري. وكلما كان العلاقة بين الأبوين تحوطها المودة والتعاون كلما انعكس ذلك إيجابيًا على سلوكيات أطفالنا.
وكلما كانت علاقة الطفل بوالديه طيّبة كان الطفل أكثر حبًّا لتقليد سلوكياتهما وتقبّل نصائحهما بلا عناد أو تعصب، ولهذا فالتربية بالحُبِّ من الأسس المهمة والفعالة في رعاية الصحة النفسية لأبنائنا.
كما أن تزويد الطفل بالرسائل الإيحائية غير المباشرة واستخدام لغة الجسد وتعابيرالوجه من التبسّم والرضا بما يضفيه من اطمئنان وسعادة في تقييم بعض المواقف التربوية، كل هذا له أثره الساحر في دعم التحولات الإيجابية لأبنائنا.
وينبغي أن يبتعد الأبوان عن إطلاق النعوت والأوصاف السلبية لتصرفات الأبناء، مثل قولهم: أنت غبي، أنت فاشل، أنت لا تفهم، ..إلخ. فمثل هذه النعوت تجعل الطفل يستسلم لها ويقتنع بها، ولا يسعى لتعديلها في نفسه، بل وتصيبه بالاضطراب وعدم الاطمئنان.
وما أجمل أن يُقدِّم الأبوان إيحاءات إيجابية وتعبيرات محفزة لأبنائهم، مثل :
أحسنتَ يا عبقري!
تفضَّل أيها الذكيّ!
أنت مبدعٌ ورائع!.
وفقكَ الله يابني!
ويا حبذا لو مدَحنا سلوكياته أمام الآخرين، فنقول: ابني متميز في دراسته – ابني مؤدب ومطيع – ابني رائع ويتصرف بحكمة. فكل هذا يعزز القيم الإيجابية لديه.
وهناك الكثير من الأساليب التربوية التي تفيد ممارستها في تربية الأبناء مثل: التربية بالقدوة الحسنة ، والتربية بالحوار، والتربية بالقصص الهادفة، والتربية بالمواقف العملية والأحداث.
وأحسبُكِ نشيطة في سعيكِ التربوي ، ولعلكِ ستَجِدِين نفعًا في مطالعة الكتب التي تتحدث عن سيكولوجية الطفل ، وكتب علم نفس النمو للتعرف على طبيعة المرحلة العُمريّة، وكيفية معالجة المشاكل التي قد تطرأ خلالها.
وأنصحكِ بأن تبدئي بمطالعة كتاب ( تحفة المودود بأحكام المولود) للإمام ابن قيِّم الجوزيّة، ففيه كثير من الأحكام المتعلقة بالمولود وأطواره وأصول تربيته الإسلامية.
كما أشير عليكِ بمطالعة كتاب (أوراق أمّ) للأستاذة نجلاء محفوظ، وهو كتاب رائع تحكي فيه بأسلوب ممتع وجذاب كثيرًا من المواقف التربوية في كيفية التعامل من الأبناء.
وكتاب ( فنّ صناعة الذكريات مع الأبناء ) للأستاذ عبدالله عبد المعطي، وهو كتاب بديع يحوي بين دفتيه مئات من المواقف التربوية الجميلة التي تفيدنا في تربية أبنائنا.
وهناك مراجع أخرى مفيدة في تربية الأبناء، منها:
1. تربية الأولاد في الإسلام : عبدالله ناصح علوان (مع التنبّه للملاحظات العقدية التي أوردها بعض الباحثين في تناول بعض مسائل الكتاب).
2. منهج التربية الإسلامية : محمد قطب
3. في علم نفس الطفل: د. محمد عودة الريماوي
4. المنهج النبوي في تربية الأبناء: محمد نور سويد
5. دور الأم في تربية الطفل المسلم:خيرية حسين صابر ( دار المجتمع – جدة).
6. مشكلات الأطفال في أطوار نموهم: بنجامين سبوك، ترجمة: سعد الجبلاوي وعايدة أبادير.
7. ومن المواقع التربوية المفيدة: موقع المربي ، وموقع صيد الفوائد.
وأنا موقنٌ بأنَّك ستكونين أكثر إبداعًا بتوظيف ما تملكين من مهارات ومعارف تربوية في تربية ورعاية أبنائكِ، نسأل الله أن يُُنعِمَ عليكِ بالذريَّة الصالحة.
الكاتب: أ. أحمد محمد الدماطي
المصدر: موقع المستشار